الترجمة جسر بين حلقات الحضارة

المؤلف

جامعة القاهرة

المستخلص

الحديث عن الأهمية القصوى للترجمة تحصيل حاصل، فکلنا يعرف ذلک حتى لولم يخطر لنا على بال، بمعنى أن المجتمعات العربية فقدت صلتها الفعالة بالحضارة، وبالتالى لم تعد الترجمة شأنا عاما، وهمّا قوميا رغم اعتراف الجميع بأهميتها، وهذا ناجم عن انصرافنا عن کل أسباب التقدم وإدلاجنا فى ليل طويل شديد الانحدار للتخلف، تتکاثف سحبه السوداء أمام طريق الإبداع والاختراع، وتوفيرعيش أکثر رفاهة وإنسانية لأنفسنا .
من هنا أهملنا أشياء کثيرة، حتى فقدنا الإحساس بافتقادها، وأضرب مثلا بالمرور، فالمدن الکبرى لا يصلح لها استبدال جندى المرور بإشارات المرور الإلکترونية التى لها عيون ترى المدينة کلها، وتنظم حرکة السير والسيارات على ضوء الصورة الکاملة لشوارع المدينة .
لم أر أحدا يشکو من غيبة إشارات المرور، لأننا فقدنا الإدراک بوجودها فى العالم وبضرورتها القصوى، فقط نشکو من ازدحام الشوارع وبطء الحرکة فيها . کذلک نشکو من تراکم القمامة فى الشوارع والميادين دون أن نشکو من غيبة الأوعية المحترمة الحديثة ليلقى فيها الناس قمامتهم، فقط بجهد عنترى يحاولون الحصول على شوارع نظيفة دون جدوى لغيبة الوعى بدور البلديات فى تهيئة وسائل للمواطن للتخلص من قمامته .
هکذا تغيب الترجمة بشکل سيستيماتيکى (منتظم – منهجى) ولا نعى بغيابها، فلا يدرک أحد أهم أسباب تخلفنا . لم يبق غير جهود فردية عشوائية حتى لو اندرجت تحت مسميات قومية .
إذن غيبة الترجمة المنظمة التى تضعنا فى الحاضر، ومتابعة کل جديد ليس إلا حالة حضارية من دفتر أحوال التخلف المزرى الذى وصلنا إليه فى رحلة لا تتوقف نحو سفح غير معروف ومصير مجهول .
ودراسة الترجمة تنقسم إلى ثلاثة أقسام :
القسم الأول: هو عملية الترجمة فى حد ذاتها.
القسم الثانى: هو علم الترجمة، وهو اليوم أحد فروع علم اللغة التطبيقى .
القسم الثالث: هو التأريخ للترجمة کفعل حضارى تواصلى وانفتاح على أفق المعرفة عند الآخر.