دأب علماء العربية منذ القرون الأولى على تأليف كتبٍ في الحيوان، أسمائه، وأوصافه، وكل كبيرة وصغيرة تخصُّ عالمه، منطلقين من نظرة إيجابية ترتكز على ما لهذا الحيوان من أهمية.
كان للحيوان الأثر الكبير في نفوس الشعراء الجاهليين؛ لارتباطهم به، وحاجتهم إليه؛ لذلك أكثروا الحديث عنه، فوصفوا جسومه، وطباعه، وحركاته، وسكناته، وصلتهم به، وحبهم له. ومن مظاهر هذا التعلُّق أنهم كانوا يُسمُّون أبناءهم بأسماء الحيوان، كأسد، وكلب، ونمرة، وثعلبة، وذئب. قال الجاحظ: "والعربُ إنما كانت تُسمِّي بكلب، وحمار، وحجر، وجُعَل، وحنظلة، وقرد، على التفاؤل بذلك" [i]. ثم وضَّح تفاؤلهم بذلك بأن الذِّئب للفطنة والمكر والكسب، والحمار لطول العُمر والقوة والجَلَد، والكلب للحراسة واليقظة والكسب أيضًا... وهكذا.
[i] الجاحظ؛ أبو عثمان عمرو بن بحر: كتاب الحيوان، تحقيق وشرح عبد السلام محمد هارون، مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر، ط2، 1384هـ/1965م، 1/324.